-->
القرآن الكريم القرآن الكريم
أهداف سور القرآن الكريم

آخر الأخبار

أهداف سور القرآن الكريم
أهداف سور القرآن الكريم
جاري التحميل ...
أهداف سور القرآن الكريم

قال تعال : { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ }





قال تعال : { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ }


من أوجه الإعجاز الإنبائي في النص الكريم:

==========================
يقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ في محكم كتابه:

﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ ( البقرة:35)

وأكد ربنا ـ تبارك اسمه ـ علي نفس المعني في مقام آخر من القرآن الكريم قال ـ عز من قائل:

﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ ( الأعراف:19)

وقد اختلف المفسرون في تحديد الجنة التي أدخل إليها أبوانا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ هل هي جنة المأوي المعروفة باسم جنة الخلد وهي دار جزاء وخلود, لا يخرج داخلها منها أبدا, أم هي جنة في الأرض أعدها الله ـ سبحانه وتعالي ـ لهما, وجعلها دار ابتلاء واختبار, والواضح من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة أنها كانت جنة علي الأرض أي: منطقة مرتفعة علي هيئة ربوة تعلو ما حولها, زاخرة بالأشجار المثمرة, ذات الظلال الوارفة, والنضرة والبهجة الدائمة, ولذلك وصفها ربنا ـ تبارك وتعالي ـ موجها الخطاب إلي أبينا آدم ـ عليه السلام ـ قائلا له:

﴿ إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى . وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى ﴾ (طه:119,118)

هذا بالإضافة إلي أن الجنة التي أسكنها آدم وحواء تم تكليفهما فيها ألا يأكلا من شجرة معينة, وابتليا فيها بذلك, والأرض هي دار الابتلاء, وجنة الخلد هي دار الجزاء التي وعد الله ـ تعالي ـ المتقين بدخولها في الآخرة, وهي ليست دار ابتلاء.

كذلك فإن إبليس دخل علي أبوينا آدم وحواء جنتهما الأرضية, وهو محروم من الدخول إلي جنة المأوي, وأن مجرد إخراج أبوينا آدم وحواء من الجنة التي أسكنا فيها ينفي عنها أن تكون جنة الخلد التي لا يخرج منها من دخلها أبدا.

والاحتجاج بتعريف( الجنة) التي سكنها أبوانا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ لا يدل أبدا علي أنها جنة المأوي, وذلك لأن الألف واللام هنا للتعريف, وليسا للتعميم ويستدل علي ذلك من وصف القرآن الكريم لعدد من جنات الأرض بالتعريف, وذلك من مثل قوله ـ تعالي:

﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ﴾ ( القلم:17)

وكذلك فإن الاحتجاج بأن ذكر( الهبوط) من الجنة التي أدخل إليها أبوانا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ يمكن أن يشير إلي النزول من السماء إلي الأرض لا سند له علي الإطلاق, وذلك لأن الهبوط قد يكون من مرتفع علي الأرض إلي ما دونه, كما قد يكون هبوطا معنويا في مثل قوله ـ تعالي ـ:

(1) ﴿... وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ (البقرة:36)

(2) ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ (البقرة:38)

(3) ﴿ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ (الأعراف:24)

أو من السفينة إلي البر, ودليلنا علي ذلك أقوال ربنا ـ تبارك وتعالي ـ التي منها:

(1) ﴿... اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ..﴾ ومنه الآيات:

(2) ﴿... قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ ..﴾ ( هود:48)

ويؤكد حقيقة أرضية الجنة التي أدخلها أبوانا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ أنهما خلقا من طين الأرض وللخلافة في الأرض, ولم يرد أنهما رفعا إلي السماء, وفي ذلك يقول ربنا ـ تبارك وتعالي:

(1) ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ ( البقرة:30).

(2) ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ ﴾ ( السجدة:7).

(3) ﴿ إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ﴾ ( ص:71).

ويؤكد ذلك أيضا من أقوال المصطفي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قوله الشريف: إن الله ـ تعالي ـ خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض, وجاء بنو آدم علي قدر الأرض: فجاء منهم الأحمر, والأبيض, والأسود, وبين ذلك, والسهل والحزن, والخبيث والطيب( أخرجه من أئمة الحديث: أحمد, وأبو داود, الترمذي, والبزار, وابن حبان).

ليس هذا فقط, بل إن هناك من أقوال ربنا ـ تبارك وتعالي ـ ما يشير إلي أن جنة الخلد ستكون في الأرض الجديدة التي سوف تتبدل عن أرضنا الحالية وسوف تحتوي كل ذراتها بالكامل وذلك من مثل آياته ـ تعالي ـ:

* ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾
(آل عمران:133).

* ﴿ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ﴾ ( الأعراف:25).

* ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ ﴾
(إبراهيم:48).

* ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾
(طه:55).

* ﴿ وَقَالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ ﴾ (الزمر:74).

* ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ ﴾ (الحديد:21).

* ﴿ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً . ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً ﴾ (نوح:17,18).

كل هذه الأدلة تؤكد أن الجنة التي سكنها أبوانا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ كانت ربوة مرتفعة علي الأرض ذات أشجار نضرة, وثمار يانعة, وظلال وارفة, تتوفر لهما فيها جميع حاجاتهما دون عناء أو تعب, فلما خالفا أمر ربهما وأكلا من الشجرة التي نهيا عنها أهبطا إلي أرض الابتلاء والنصب, والشقاء والتعب, والكدر والنكد, ولذلك قال ـ تعالي ـ:

﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ . فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ ( البقرة:36,35).

وهذا الحين هو أجل كل منهما, وأجل كل فرد من ذريتهما إلي قيام الساعة, ولا يعني ذلك أبدا أنهما كانا خارجين عن حدود الأرض, فقد خلقا منها, وأدخلا الجنة عليها, وأهبط بهما من تلك الجنة الأرضية هبوطا معنويا من مقومات الرعاية الإلهية الكاملة التي لا تكلف الفرد أية مسئولية عن توفير احتياجاته كلها( الضرورية منها والكمالية) إلي واقع الكدح الحقيقي من أجل توفير شيء من تلك الاحتياجات, وتحمل المسئولية الكاملة عن تحقيق ذلك, لأن أبوينا آدم وحواء مخلوقان ابتداء للحياة علي هذه الأرض, ولذلك قال ـ تعالي ـ:

﴿... إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ..﴾ ( البقرة:30).

والتجربة التي مر بها أبوانا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ كانت تربية لهذين المخلوقين اللذين استخلفهما الله في الأرض, وإعدادا لهما من أجل فهم حقيقة رسالة الإنسان في هذه الحياة عبد الله, يعبده ـ تعالي ـ بما أمر, ومستخلفا في الأرض مطالبا بعمارتها وإقامة عدل الله فيها, كما هو مطالب بمقاومة كل محاولات الشيطان من أجل إغوائه عن تحقيق رسالته في هذه الحياة الدنيا, حتي تكون هذه الحياة بحق هي دار ابتلاء للإنسان وفترة اختبار وامتحان يثبت لنفسه في نهايتها استحقاقه بالخلود في الجنة أو في النار, وبذلك يقيم الحجة علي نفسه بنفسه, وإلا فإن علم الله المحيط بكل شيء غني عن هذا الاختبار حتي يميز أهل الجنة عن أهل النار.

من هنا كانت حكمة الله من إدخال أبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ في الجنة حتي يدركا شيئا من نعيمها, ثم يعرضهما ربهما لمحاولة من إبليس من أجل إغوائهما عن الالتزام بأوامر الله, ثم ييسر لهما التوبة إلي الله, والندم علي مخالفة أمره, ومعرفة حقيقة العدواة بين الشيطان والإنسان حتي يحتاط كل إنسان عاقل لنفسه من غواية شياطين الجن والإنس, ويعرف كيف يعود إلي ربه إذا غلبه الشيطان علي نفسه, فلا ييأس الإنسان من رحمة الله, ويتعلم كيف ينتصر علي عدوه الأول إذا شاء الانتصار عليه, ويعرف مصيره إذا سمح للشيطان بالانتصار عليه!!

وقصة أبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ كما جاءت في كتاب الله هي من أوجه الإعجاز الإنبائي في القرآن الكريم, وهو إنباء غيبي لأن أيا من بني آدم لم يشهد خلق أبويه آدم وحواء.

من هنا يتضح أن قصة خلق أبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ كما جاءت في القرآن الكريم لم تنقل من كتب الأقدمين, وإن كان بعض التشابه في القصة يؤكد أن أصلهما واحد, وإن كان أحدهما قد تعرض للتشويه البشري, وبقي الآخر بروايته الربانية. فالحمد لله علي نعمة الإسلام, والحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي بعثة خير الأنام سيدنا محمد النبي العربي, وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه, ودعا بدعوته إلي يوم الدين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

عن الكاتب

Qurankariim

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

القرآن الكريم